تفضيل الذكر على الجهاد وتوجيه ذلك
وهناك أحاديث أخرى وهي كثيرة، وبعضها يشد بعضاً في تفضيل الذكر على جميع العبادات؛ حتى على الجهاد في سبيل الله عز وجل، وقد ذكر طرفاً منها هنا فقال: (جاء من حديث أبي سعيد : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال: الذاكرون الله كثيراً، قيل: يا رسول الله! من الغازي في سبيل الله؟ لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر، ويتخضب دماً؛ لكان الذاكرون لله أفضل منه درجة ) ) يعني: إذا كانت العبادة جهاداً فقط من غير ذكر.ومن مميزات الذكر: أن كل عامل يستطيع أن يذكر الله مع عمله، فالمجاهد يستطيع أن يذكر الله مع الجهاد، والصائم يستطيع أن يذكر الله مع الصيام، والصلاة كلها ذكر لله تبارك وتعالى، وكذلك المتصدق، وهكذا كل عمل من الأعمال تستطيع أن تجعله مرتبطاً بذكر الله.إذاً فذلك لا يعني التفضيل المطلق، لكن إذا وزن هذا مجرداً وهذا مجرداً؛ رجح الذي لسانه رطب من ذكر الله في الأجر والثواب.وذكر أيضاً حديث سهل بن معاذ الذي خرجه الإمام أحمد : ( ( أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الجهاد أعظم أجراً يا رسول الله؟! فقال: أكثرهم لله ذكراً، فقيل له: فأي الصائمين أعظم؟ قال: أكثرهم لله ذكراً، قال: ثم ذكر لنا الصلاة والزكاة والحج والصدقة؛ في كل مرة يقال: أيهم أعظم؟ فيقول: أكثرهم لله ذكراً ) )، إذاً فالذكر يكون مع كل عبادة.ولذلك قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، قال: [ ذهب الذاكرون بكل خير ]، فهم خير المجاهدين، وخير الصائمين، وخير المعتمرين، وخير المتصدقين، وخير المتعبدين أياً كانت العبادة.